تعريف السيّد الاُستاذ لعلم الاُصول

أحدهما للسيّد الاُستاذ دامت بركاته والثاني للمحقّق العراقيّ(قدس سره).

 

تعريف السيّد الاُستاذ لعلم الاُصول:

أمّا تعريف السيّد الاُستاذ (دامت بركاته) فهو: أنّ القاعدة الاُصوليّة هي التي يستنبط منها الحكم بمفردها مع إحراز صغراها، أي: من دون ضمّ قاعدة اُصوليّة اُخرى، فحجّيّة خبر الثقة مثلاً تكفي وحدها مع إحراز صغراها ـ وهي ورود خبر ثقة ـ للاستنباط، بلا حاجة إلى ضمّ قاعدة اُصوليّة اُخرى، وظهور الأمر في الوجوب وحده يكفي بعد إحراز صغراها ـ أي: الأمر ـ للاستنباط، بلا ضمّ قاعدة اُخرى اُصوليّة. وهذا بخلاف وثاقة زرارة مثلاً، فإنّها لا تكفي للاستنباط ما لم تضمّ إليها قاعدة حجّيّة خبر الثقة، وبخلاف دلالة لفظ « الصعيد » على التراب مثلاً أو مطلق وجه الأرض، فإنّها لا تكفي في استنباط الحكم ما لم نعرف أنّ الأمر للوجوب، فقيد « عدم الحاجة إلى قاعدة اُصوليّة اُخرى » يرفع المؤاخذة الاُولى عن التعريف(۱).

ثُمّ أورد على نفسه اعتراضات نذكر منها اعتراضين:

الأوّل: أنّ الأبحاث الاُصوليّة المنقّحة لصغريات الظهور من قبيل: ظهور الأمر في الوجوب، والنهي في الحرمة بحاجة إلى قاعدة اُخرى اُصوليّة، وهي قاعدة حجّيّة الظهور.

وأجاب على ذلك بأنّ قاعدة حجّيّة الظهور ليست اُصوليّة؛ لأنّ حجّيّة الظهور

 

(۱) راجع المحاضرات للفيّاض، ج ٤۳ من موسوعة الإمام الخوئيّ(رحمه الله)، ص ٤ و ۹ ـ ۱٠، وراجع الدراسات، ج ۱، ص ۲٤ بحسب طبعة مؤسّسة دائرة معارف الفقه الإسلاميّ.

أمر بديهيّ واضح لدى أيّ إنسان عرفيٍّ، ولا تحتاج إلى أيّ بحث اُصوليّ في ذلك(۱).

الثاني: أنّ مبحث اقتضاء الأمر للنهي عن ضدّه ثمرتة الفقهيّة عبارة عن بطلان الضدّ إذا كان عبادة لو قلنا بالاقتضاء، وهذا موقوف على قاعدة اُصوليّة اُخرى وهي: أنّ النهي في العبادات يوجب البطلان.    

(۱) لم أجد هذا الإشكال والجواب على شكل إشكال وجواب لا في المحاضرات ولا في الدراسات.

نعم، صرّح في المحاضرات (ج ٤۳ من موسوعة الإمام الخوئيّ، ص ۲) بأنّ حجّيّة الظهور خارجة عن المسائل الاُصولية؛ إذ لا خلاف في حجّيّتها بين اثنين من العقلاء، ولم يقع البحث عنها في أيّ علم وإن وقع الكلام في موارد ثلاثة، هي:

الأوّل: في أنّ حجّيّة الظهور هل هي مشروطة بعدم الظنّ بالخلاف، أم الظنّ بالوفاق، أم لا هذا ولا ذلك؟

الثاني: في ظواهر الكتاب وأنّها هل تكون حجّة أم لا؟

الثالث: في أنّ حجّيّة الظواهر هل تختصّ بمن قصد إفهامه، أم تعمّ غيره أيضاً؟

وقريب من ذلك ما ورد في الدراسات (الصفحة الماضية والطبعة الماضية).

فلعلّ هذين المقطعين إشارة إلى ما نقله اُستاذنا الشهيد عن اُستاذه السيّد الخوئيّ(رحمهما الله).

وأخيراً رأيت تعبيراً صريحاً في كون ذكر السيّد الخوئيّ(رحمه الله) لخروج بحث حجّيّة الظواهر عن علم الاُصول لدفع الإشكال عن اُصوليّة الأبحاث الاُصوليّة المنقّحة لصغريات الظهور من قبيل ظهور الأمر في الوجوب، وذلك فيما طبع أخيراً من كتاب الهداية في الاُصول لمقرّر أقدم من السيّد عليّ صاحب الدراسات(رحمه الله)، وهو المرحوم الشيخ حسن الصافيّ الإصبهانيّ، ج ۱، ص ۲۱ ـ ۲۲. فهو صريح في كون ذلك دفعاً لذاك الإشكال، موضّحاً: أنّ عدم النزاع من قبل أحد في حجّيّة الظواهر وعدم الشكّ من قبل أحد في ذلك يدفع الإشكال برغم الخلاف في حجّيّة عدد من الظهورات؛ وذلك لأنّ كون قضيّة ما كافيةً لاستنباط الحكم الكلّيّ الإلهيّ في الجملة كاف في اُصوليّتها، فنحن نفرض الكلام في أمر ونهي داخلين في القدر المتيقّن من حجّيّة الظهور، أي: في المقدار الذي لم يشكّ أحد في حجّيّته.

وأجاب على ذلك: بأنّنا وإن كنّا لو قلنا بالاقتضاء احتجنا في إثبات بطلان العبادة إلى قاعدة اُخرى اُصوليّة، لكنّنا لو قلنا بعدم الاقتضاء ثبتت صحّة العبادة بلا حاجة إلى ضمّ قاعدة اُخرى اُصوليّة، ويكفي في اُصوليّة المسألة اُصوليّتها بلحاظ أحد طرفيها(۱). أقول: يوجد لدينا حول ما ذكره السيّد الاُستاذ (دامت بركاته) في المقام ثلاث ملاحظات: الاُولى: أنّ افتراض عدم حاجة القاعدة الاُصوليّة في مقام استنباط الحكم منها إلى قاعدة اُخرى اُصوليّة: إن قصد به عدم الحاجة إلى ذلك مطلقاً، فهذا غير صحيح، فإنّ ظهور الأمر في الوجوب قد لا يستنبط منه الحكم إلاّ بضمّ قاعدة حجّيّة خبر الثقة مثلاً، وذلك كما لو ورد الأمر في خبر غير قطعيّ. وقاعدة حجّيّة خبر الثقة قد لا يستنبط منها الحكم إلاّ بضمّ قاعدة ظهور الأمر في الوجوب، كما إذا كانت دلالة ذلك الخبر على الحكم على أساس الأمر الدالّ على الوجوب. وإن قصد به عدم الحاجة إلى ذلك ولو في بعض الموارد، فهذا وإن كان ينطبق على مثل ظهور الأمر في الوجوب وحجّيّة خبر الثقة، وذلك كما في أمر قطعيّ من سائر الجهات غير أصل إرادة الوجوب منه، وكما في خبر ثقة قطعيّ من سائر الجهات عدا الصدور، لكنّه ينطبق أيضاً على مثل تشخيص ظهور كلمة « الصعيد » الواردة في كلام قطعيّ سنداً ودلالةً على الحكم من كلّ النواحي ما عدا تعيين المراد من كلمة « الصعيد ». الثانية: أنّ إخراج حجّيّة الظهور من علم الاُصول لا يكفي لدفع النقوض على  

(۱) راجع المحاضرات، ج ٤۳ من موسوعة الإمام الخوئيّ، ص ۱۲.

ذاك التعريف، بل يحتاج إلى إخراج بعض المباحث الاُخرى، فمثلاً يوجد في علم الاُصول مباحث عن أقوى الظهورين المتعارضين، كالبحث عن أقوى الظهورين في العموم الوضعي والإطلاق الحكميّ، أو في العموم الشموليّ والبدليّ، أو في المنطوق والمفهوم، في حين أنّ الاستنباط من هذه الأبحاث موقوف على ضمّ قاعدة اُصوليّة اُخرى، وهي قاعدة حجّيّة الجمع العرفيّ؛ إذ لولاها لما أفادتنا أقوائيّة أحد الظهورين، فلم ينطبق تعريف علم الاُصول على هذه المباحث إلاّ أن يلتزم أيضاً بخروج قاعدة حجّيّة الجمع العرفيّ.

الثالثة: أنّنا لو قلنا بعدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه، فهذا لا يكفي في استنباط صحّة الضدّ العبادة؛ إذ العبادة يجب أن تكون قربيّة، والأمر بالشيء لا يجتمع معه الأمر بضدّه في عرضه، فلا بدّ: إمّا من إثبات الأمر الترتّبيّ، أو إثبات: أنّ الملاك يبقى بعد سقوط الأمر حتّى يكتفى بقصد الملاك، وكلاهما قاعدة اُصوليّة. وعلى أيّ حال، فقد تحصّل: أنّ التعريف الذي جاء به السيّد الاُستاذ (دامت بركاته) تكون المؤاخذة الاُولى مسجّلة عليه؛ إذ عدم الحاجة إلى ضمّ قاعدة اُصوليّة اُخرى في بعض الأحيان قد يوجد في مثل قاعدة ظهور « الصعيد » في وجه الأرض ونحو ذلك. وأمّا المؤاخذة الثانية فقد دفعها السيّد الاُستاذ ( دامت بركاته ) بمثل ما ذكرناه من أنّنا نقصد بالاستنباط مطلق تحصيل المنجِّز والمعذِّر تجاه الحكم(۱). ولكن هذا الجواب لا ينسجم مع مبانيه، فإنّه إذا جعل الاستنباط بمعنى مطلق  

(۱) راجع المحاضرات، ج ٤۳ من موسوعة الإمام الخوئيّ، ص ٦.

إثبات التنجيز أو التعذير تجاه الحكم، لم يصحّ ما يقوله من خروج مبحث حجّيّة القطع عن علم الاُصول؛ لأنّ ذلك لا يقع في طريق استنباط الحكم؛ إذ فرض القطع هو فرض الاتّصال بالحكم مباشرة والوصول إليه، فإنّ هذا يرد عليه حينئذ: أنّ مبحث حجّيّة القطع متكفّل لبيان تنجيز الحكم وتعذيره بالقطع، وقد فرض: أنّ الاستنباط قصد به إقامة الحجّة بالمعنى الأعمّ، أي: إقامة التنجيز والتعذير. إذن فيدخل مبحث حجّيّة القطع في علم الاُصول.

على أنّه بعد دخول حجّيّة القطع في علم الاُصول لا يبقى مجال لدخول سائر القواعد الاُصوليّة، كالبراءة، والاستصحاب، وأيّ قاعدة اُخرى في علم الاُصول حسب مبانيه دامت بركاته؛ لأنّها جميعاً بحاجة إلى حجّيّة القطع وقد فرض: أنّ القاعدة الاُصوليّة يجب أن لا تحتاج في مقام الاستنباط منها إلى قاعدة اُصوليّة اُخرى، إذن فكلّ قواعد الاُصول أو جلّها خرجت عن علم الاُصول. إلاّ أن يلتزم بخروج حجّيّة القطع عن علم الاُصول، لا بملاك عدم وقوعها في طريق الاستنباط، بل بنفس الملاك الذي أخرج به حجّيّة الظواهر عن علم الاُصول، وهو كونها أمراً واضحاً لم يقع في أصلها خلاف، وإن وقع الخلاف في بعض تفاصيلها، كما وقع ذلك في حجّيّة الظهور أيضاً. وأمّا المؤاخذة الثالثة ـ وهي شمول التعريف للقواعد الفقهيّة ـ فقد أجاب عليها بأنّنا نقصد بالاستنباط: الاستنباط التوسيطيّ، لا الاستنباط التطبيقيّ. وتوضيح ذلك: أنّ الاستنباط قد يكون تطبيقيّاً بمعنى كون النتيجة قطعة من المقدّمة، ومصداقاً لها، وتطبيقاً لها، وهذا شأن الاستنباط من القواعد الفقهيّة، فاستنباط الضمان في البيع الفاسد من « قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » عبارة عن تطبيق تلك القاعدة العامّة في إحدى مواردها، وتكون النتيجة ـ وهي

الضمان في البيع الفاسد ـ حصّة من الضمان في كلّ عقد فاسد يضمن بصحيحه، وقد يكون توسيطيّاً بمعنى: أنّ النتيجة ليست تطبيقاً للمقدّمة وحصّة منها، وإنّما تستنتج من المقدّمة على أساس وجود الملازمة بينها وبين المقدّمة من قبيل دلالة الأمر على الوجوب التي يستنتج منها وجوب الدعاء عند رؤية الهلال مثلاً، فالنتيجة هنا ليست حصّة من المقدّمة؛ فإنّ النتيجة حكم شرعيّ، والمقدّمة أمر لُغويّ مثلاً، وهما أمران متباينان، لكن يوجد بينهما تلازم بعد فرض حجّيّة الظهور، فبهذا تثبت النتيجة، والمسائل الاُصوليّة دائماً تقع في طريق الاستنباط بمعنى الاستنباط التوسيطيّ، بخلاف القواعد الفقهيّة، فإذا قصدنا من الاستنباط الاستنباط التوسيطيّ ارتفعت المؤاخذة.

أقول: إنّ الاستنباط التوسيطيّ أيضاً نقسّمه إلى قسمين: أحدهما: أن تكون الملازمة بين المقدّمة وبين حكم كلّيّ إلهيّ، فنستنتج الحكم الكلّيّ الإلهيّ من المقدّمة من قبيل الملازمة بين دلالة الأمر على الوجوب ووجوب الدعاء عند رؤية الهلال. والثاني: أن لا تفرض ملازمة بين المقدّمة والحكم الكلّيّ، بل يفرض: أنّ المقدّمة منقِّحة لموضوع ذلك الحكم، فيستنبط الحكم الجزئيّ في المقام عن طريق إحراز فعليّة موضوعه من قبيل: أنّ قاعدة صحّة المعاطاة تنقّح موضوع نفوذ التصرّفات فيما انتقل إليه بالمعاطاة مثلاً، فإنّ موضوع نفوذها هو الملك، وقد ثبت بقاعدة صحّة المعاطاة. فإن كان مقصوده (دامت بركاته) من الاستنباط في تعريف علم الاُصول الاستنباط التوسيطيّ من القسم الأوّل، فقط لزم خروج بعض المسائل الاُصوليّة من قبيل اقتضاء الأمر للنهي عن ضدّه وعدمه، حيث إنّ الثمرة الفقهيّة لهذه المسألة

عند السيّد الاُستاذ (دامت بركاته) عبارة عن بطلان الصلاة وصحّتها، بينما هذا إنّما يكون على أساس تنقيح المقدّمة لموضوع الحكم، حيث إنّ الحرمة في العبادات موضوع للبطلان، وعدم الحرمة شرط في الصحّة، وهذه القاعدة تنقّح الحرمة أو عدم الحرمة، فيتعيّن البطلان أو الصحّة.

وإن كان مقصوده الاستنباط التوسيطيّ ولو من القسم الثاني، دخلت كلّ القواعد الفقهيّة في علم الاُصول؛ إذ هي تنقّح موضوعات أحكام اُخرى، فمثلاً قاعدة صحّة المعاطاة وإن كان استنباط صحّة البيع المعاطاتيّ منها استنباطاً تطبيقيّاً، لكن يستنبط منها أيضاً نفوذ تصرّفات المشتري وجوازها في المبيع مثلاً على أساس: أنّ موضوع هذه الأحكام هو ملكيّته للمبيع، وقاعدة صحّة المعاطاة تنقّح هذا الموضوع، فهذا استنباط توسيطيّ من القسم الثاني، وكذلك يستنبط منها وجوب دفع القيمة إلى البايع؛ لأنّ موضوعه تحقّق البيع الصحيح، وهذا ما تنقّحه قاعدة صحّة المعاطاة، وكذلك قاعدة « ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » وإن كان استنباط الضمان في البيع الفاسد منها استنباطاً تطبيقيّاً، لكن استنباط وجوب أداء القيمة عند تلف المبيع منها الذي معناه وجوب أداء الدين استنباط توسيطيّ على أساس تنقيح الموضوع؛ حيث إنّ وجوب أداء الدين حكم تكليفيّ موضوعه الدين والضمان، وقد ثبت هذا الدين والضمان بهذه القاعدة. وهكذا الكلام في سائر القواعد الفقهيّة. وهذا الإشكال إنّما أوردناه بناءً على ما أفاده السيّد الاُستاذ في المقام من أنّ ثمرة قاعدة « اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه وعدمه » بطلان الضدّ العبادة وعدمه. والواقع: أنّه كان المفروض أنّ القاعدة الاُصوليّة هي التي يستنبط منها الحكم

الكلّيّ الإلهيّ، لا التي يستنبط منها موضوع الحكم، ولا ينتقض ذلك بالقواعد الفقهيّة التي تستنبط منها أحكام جزئيّة استنباطاً تطبيقيّاً من القسم الثاني.

وأمّا كون ثمرة ( اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه وعدمه ) بطلان الضدّ العبادة وعدمه، فنحن لا نقول به. وتوضيح ذلك: أوّلاً: أنّ بالإمكان أن يقال: إنّ ثمرة هذا البحث هي معرفة: أنّ أضداد الواجبات هل هي حرام أو لا؟ وهي جعول كلّيّة إلهيّة مشكوكة تستنبط من قاعدة الملازمة بين وجوب الشيء وحرمة ضدّه. والسيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ إنّما عدل عن هذه الثمرة إلى مسألة بطلان الضدّ العبادة على أساس نكتة: أنّ حرمة الضدّ غيريّة لا يترتّب عليها أيّ تنجيز أو تعذير، أو ثواب أو عقاب، فليست هي ثمرة فقهيّة. ولكن هذه النكتة لو التفتنا إليها عرفنا أنّ هذا النهي لا يبطل أيضاً الضدّ إذا كان عبادة؛ إذ هو نهي غيري صرف، وليس له أيّ تنجيز أو تعذير، أو تبعيد أو تقريب، ولهذا ذهب السيّد الاُستاذ (دامت بركاته) إلى عدم بطلان الضدّ العبادة(۱)، وحينئذ لو لم نجد لهذا البحث ثمرة اُخرى فقهيّة، نلتزم بعدم كونه بحثاً اُصوليّاً، ولا ضير في ذلك بعد فرض عدم ترتّب ثمرة  

(۱) ذهب السيّد الخوئيّ(رحمه الله) ـ على ما في المحاضرات، ج ٤٤ من موسوعة الإمام الخوئيّ ص ۳۸۳ ـ ۳۸٤ ـ إلى صحّة الضدّ العباديّ الواجب، سواء كان تقدّم الأمر بضدّه عليه لأجل أنّ العبادة كانت موسّعة وضدّها مضيّقاً أو لأجل أهمّيّة ضدّها. أمّا في الفرض الأوّل فيكفي في صحّة العبادة تعلّق الأمر بالطبيعة الجامعة بين الفرد المزاحم والأفراد المتأخّرة، ولا تنافي بين الأمرين. وأمّا في الفرض الثاني فالقول بالترتّب يثبّت الأمر ويحلّ الإشكال.

فقهيّة عليه(۱)، وأمّا لو لم نلتفت إلى هذه النكتة إذن نجعل الثمرة الفقهيّة لهذا البحث نفس حرمة الضدّ وعدمها، ولا إشكال أيضاً.

وثانياً: أنّنا نقول: إنّ ثمرة هذا البحث هي: أنّه لو كان الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه، إذن لا يكون الضدّ واجباً بنحو الأمر الترتّبي؛ لأنّ الوجوب لا يجتمع مع الحرمة ولو كانت غيريّة، ولو لم يكن الأمر به مستلزماً للنهي عن ضدّه صحّ تعلّق الأمر الترتّبي بالضدّ المهمّ، أي: الأمر به على تقدير مخالفة الأهمّ، وهذا استنباط لحكم كلّيّ إلهيّ، وهو وجوب الضدّ ترتّباً أو عدمه.
contact the developer